سبب نزول سورة الانفال وسبب تسميتها
468 - أخبرنا أبو سعد النصروبي قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا أبو إسحاق الشيباني ، عن محمد بن عبيد الله الثقفي ، عن سعد بن أبي وقاص ، 55 قال : لما كان يوم بدر قتل أخي عمير ، وقتلت سعيد بن العاص ، فأخذت سيفه ، وكان يسمى ذا الكيفة ، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : اذهب فاطرحه في القبض ، قال : فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله ، من قتل أخي ، وأخذ سلبي ، فما جاوزت إلا قريبا حتى نزلت سورة الأنفال ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذهب فخذ سيفك . 470 - أخبرنا أبو بكر [ بن ] الحارث قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال : حدثنا أبو يحيى قال : حدثنا سهل بن عثمان قال : حدثنا يحيى بن [ أبي ] زائدة ، عن ابن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن سليمان بن موسى الأشدق ، عن مكحول ، عن أبي سلام الباهلي ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن عبادة بن الصامت قال : لما هزم العدو يوم بدر واتبعتهم طائفة يقتلونهم ، وأحدقت طائفة برسول الله - عليه الصلاة والسلام - واستولت طائفة على العسكر والنهب . فلما نفى الله العدو ، ورجع الذين طلبوهم ، قالوا : لنا النفل; نحن طلبنا العدو وبنا نفاهم [ الله ] وهزمهم ، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما أنتم بأحق به منا ، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينال العدو منه غرة فهو لنا ؛ وقال الذين استولوا على العسكر والنهب : والله ما أنتم بأحق منا ، نحن أخذناه ، واستولينا عليه فهو لنا ، فأنزل الله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال ) فقسمه رسول الله - عليه الصلاة والسلام - بالسوية .
سورة الأنفال
سورة الأنفال من السور العظيمة في القرآن الكريم، وهي سورة مدنية نزلت في المدينة المنورة بعد الهجرة، باستثناء بعض الآيات التي نزلت في مكة.
عدد آيات سورة الأنفال هم خمسٌ وسبعون آية فقط، وعلى الرغم من ذلك فهي تعتبر من طِوال السور التي توجد في المصحف الشريف وترتيبها في المصحف الشريف السورة الثامنة بعد سورة الأعراف وقبل سورة التوبة.
سورة الأنفال تتناول مواضيع عديدة، واغلب آياتها تدور حول الحديث عن غزوة بدر وما حدث فيها ونتائجها.
سبب نزول سورة الأنفال
أنزل الله سبحانه وتعالى سورة الأنفال على الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم، ولا شك أن لكل سورة في القرآن الكريم تكون لها سبب في النزول.
لكل سور القرآن الكريم سبب وكذلك سورة الأنفال فهي من السور العظيمة، ولها أسباب كثيرة لما بها من آيات كثيرة وقصص متنوعة، فلا يوجد سبباً واحداً مجملاً للسورة كلّها.
تتعدد اسباب نزول سورة البقرة حيث انها تتنوع مواضيعها وبسبب طول آياتها، ونزول السورة على مراحل، في مرحلة كل هناك ظروف نزلت لها آيات خاصة.
سورة الأنفال نزلت على أكثر من مرحلة، وانزلها أكثر من سبب منهم ذكر ما حدث في غزوة بدر وكيفية توزيع ما بها من غنائم،إشارة إلى أن سبب نزول سورة الأنفال بسبب اختلاف بعض الصحابة وتنازعهم في تقسيم الغنائم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر أن الله أنزل قوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَال)، لأن الله كان له حكمة في توزيع هذه الانفال، ووضح أن الأنفال لله ورسوله يضعها الله ويقسمها حيث يشاء، ولا يجوز الاعتراض على حكم الله والرسول.
قيل في سبب نزول سور الأنفال روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله سبحانه وتعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
قال: (الأنفالُ المغانمُ كانت لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خاصَّةً ليس لأحدٍ منها شيءٌ ما أصاب سرايا المسلمين أتَوا به فمن حبس منه إبرةً أو سلكًا فهو غُلولٌ.
فسألوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُعطيَهم منها قال اللهُ تبارك وتعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ لي جعلتها لرسولي ليس لكم منها شيءٌ (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) إلى قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
ثم أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءْ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهِ وَلِلرَّسُولِ) ثم قسم ذلك الخُمسَ لرسولِ اللهِ والذي القُربى يعني قرابةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ واليتامَى والمساكينَ والمجاهدينَ في سبيلِ اللهِ.
وجعل أربعةَ أخماسٍ الغنيمةَ بينَ الناسِ الناسُ فيه سواءٌ للفرسِ سهمانِ ولصاحبِه سهمٌ وللراجلِ سهمٌ).
معنى كلمة الأنفال في اللغة
كلمة الأنفال في أصل اللغة العربية كلمة مشتقة من الجذر الثلاثي: نَفَل، وكلمة نفل تعني كثير من المعاني ابرزها العطاء والإعطاء.
كلمة النافلة مشتقة من نفل وتشير إلى عطية التطوع أو الطوع، من حيث إنها تكون شئ زيادة غير واجب، إن أدّاها المسلم بطوعه واختياره له حسنات كثير مثال نافلة الصلاة.
النوفل هو الرجل الكثير العطاء، والنفل تعني الغنيمة. والجمع من كلمة نفس هي أنفال، وذلك يعني أن كلمة الأنفال هي الغنائم، قبل أنّ الإمام ينفل المحاربين، أي يعطيهم خيرات مما غنموه، كما يُقال نفت أي أنه أعطيتك علي سبيل الكرم والعطاء الزائد.
سبب تسمية سورة الأنفال بهذا الاسم
الأنفال كلمة معناها في القرآن الغنائم، وسبب تسمية السورة بهذا الاسم جاء في آيات السورة نفسها حيث عند التعريف بسورة الأنفال علينا أن نذكر أول آياتها وهي: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ).
سميت هذه السورة بالأنفال اعتمادا على أول آية فيها، حيث انها بها الكثير من الآيات عن غزوة بدر وما حدث فيها وعن نتائجها وخاصة المراحل الأولية لها.
يوجد في السورة شرح وتفسير لسبب نصر الله للمسلمين وكيف كانت غزوة رائعة للمسلمين بسبب تأييد الله لهم في تلك الغزوة.
في هذه السورة هناك ذكر الأنفال والغنائم التي فاز بها المؤمنين حيث أن ما غنمه المسلمون في تلك الغزوة كان كثير وثمين، وتتحدث آيات السورة عن كيفية توزيعها هذه الانفال والمكاسب بين المسلمين.
معنى الأنفال عند المفسرين
اختلف علماء التفسير والفقهاء في تفسير كلمة الأنفال المذكور في آيات الله في قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ)، ومن أشهر الأقوال ما يلي:
قال ابن عباس في بعض الروايات إنّ المرادُ بالأنفال ما اخذه المسلمين من المشركين بدون اي قتال، وهذه الأموال حق للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
بينما قال مجاهد أن المقصود بـ الأنفال في الآية أنها خمس ما يوجد من الغنائم، وقال كذلك مجموعة من أهل العلم نفس القول حيث قالوا ان الانفال خمس المكاسب وهي حق الرسول صل الله عليه وسلم.
ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى كلمة الأنفال هي ما يمكن أن يسلبه المقاتل أو الغازي بالإضافة إلى ما يوجد من سهم له يوزع عليه من الغنائم ترغيباً في الاندفاع إلى القتال.
كان رأي بعض المفسرين السابق معتمد على ما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يومَ بدر: (من قتلَ قتيلًا فلَه سَلَبُه).
وفي هذا الأمر قال سعد بن أبي وقَّاصِ قال: (لمَّا كان يومُ بدرٍ، وقُتل أخي عُمَيرٌ، وقتلتُ سعيدَ بنَ العاصِ وأخذتُ سيفَه، وكان يُسمَّى ذا الكَتيفةِ، فأتيتُ به نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: اذهبْ فاطرحْه في القبضِ.
قال: فرجعتُ وبي ما لا يعلمُه إلَّا اللهُ من قتلِ أخي وأخذِ سلبي. قال: فما جاوزتُ إلَّا يسيرًا حتَّى نزلت سورةُ الأنفالِ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اذهبْ فخذْ سلبَك).
قال القاضي: إنّ الآية تحتمل كلُّ الوجوه سابقة الذكر، وليس في الآية دليلٌ على ترجيح رأي منها دون الآخر.