تتواجد الغازات المكونه للنجوم في حياتنا في بعض المواد؟
الإجابة الصحيحة هي؛
يجزم علماء الفلك بنسبة تفوق 90% منهم بأن الكون قد بدأ بانفجار عظيم كانت المادة متجمعة فيه في نقطة صغيرة جدا أطلق عليها اسم "التفرد" كناية عن صغرها وشديد حرارتها واستحالة معرفة كنهها وماهيتها، ولسبب غير معلوم انفجرت هذه النقطة ليولد الكون الذي نعيش فيه، زمانه ومكانه وكل ما هو مرئي منه وغير مرئي.
وقد عرفت النظرية التي تصف هذا الانفجار باسم نظرية الانفجار العظيم، وبالحسابات الفلكية والأرصاد وجد أن تاريخ هذا الحدث يعود إلى 13.8 مليار سنة، وهو العمر الحالي المقدر للكون، لكنه لم يكن يحتوي آنذاك سوى على عنصري الهيدروجين والهيليوم الخفيفين وبضعة عناصر أثقل قليلا منهما.
ولكن وبعد مرور أقل من مليار سنة على هذا الانفجار تكتلت الغازات والسدم لتشكل النجوم والمجرات، ونشأت مجرتنا درب التبانة بعد حوالي مئتي مليون سنة فقط بعد ذلك التاريخ، غير أن شمسنا وتوابعها لم تخلق إلا بعد جيلين من أجيال النجوم، أي بعد مرور حوالي تسعة مليارات سنة على نشوء المجرة، وبالتحديد قبل 4.6 مليارات سنة من الآن، وذلك بحسب الأرصاد الجيولوجية لسطح الأرض وطبقاتها.
لكن من أين جاءت العناصر الكيميائية المكونة للأرض ولأجسادنا، خصوصا الثقيلة منها؟ وهل نحن حقا أبناء النجوم؟ وكيف ذلك؟ وما علاقة انفجارات النجوم بحياتنا وأثرها علينا؟بقايا انفجار سوبرنوفا رصده تلسكوب تشاندرا للأشعة السينية التابع لناسا (رويترز)
واستمرت السلسلة حتى تكون عنصر الحديد، وهو العنصر الأكثر استقرارا في الجدول الدوري، فلم يعد الضغط الشديد والحرارة التي فاقت مئات الملايين من الدرجات في باطن النجم كافيين لدمج أنويته إلى عناصر أثقل، فانهار النجم على نفسه وحدثت موجة صدمية هائلة على حدود باطنه ليحدث الانفجار الأشد في الكون بعد الانفجار العظيم، إنه السوبرنوفا أو ما يعرف بالمستعر الأعظم، حيث يؤدي بالنجم لأن يسطع بقدر مجرة بأكملها لبضعة أيام أو أسابيع، بحيث يرى ضوء هذا النجم ليلا، بل إن بعضها شوهد مرئيا في وضح النهار والشمس مشرقة في السماء، وذلك لشدة الانفجار أو لقربه من الأرض.
وفي اللحظة التي ترتفع درجة حرارة المادة إلى مليارات الدرجات يصبح الوضع مواتيا لأن تندمج نوى العناصر المختلفة لتشكيل العناصر الثقيلة جميعها، عناصر ما بعد الحديد وحتى اليورانيوم، ثم لتتبعثر في الكون بطاقتها التحفيزية الهائلة التي تعمل على إيقاظ الحياة في السدم الغازية المحيطة، ولتبدأ الأخيرة بدورها في تشكيل نجوم الجيل الثاني التي تدخل في تكوينها تلك العناصر التي خلفتها انفجارات نجوم الجيل الأول.
وبذلك أصبحت الغيمة السديمية الجديدة مليئة بكثير من العناصر الثقيلة، ثم انفجرت نجوم الجيل الثاني ليظهر الجيل الثالث من النجوم كشمسنا وسديمها الذي نشأت منه أجساد الناس والكائنات الحية وجميع المخلوقات على الأرض.
الأشعة الكونية
ولا تزال النجوم تولد وتموت، بل إن انفجارات النجوم ترى في المجرة بين الفينة والأخرى، فآخر نجم من نجوم مجرتنا درب التبانة لمع في سماء الكرة الأرضية مرئيا بالعين المجردة كان في العام 2015 في برج القوس، حيث ظهر لبضعة أيام ما لبث بعد ذلك أن خفت وتلاشى إلى غير عودة، لكنه ترك خلفه كمية كبيرة من الأشعة الكونية التي تعرف بأنها مكونة بأكثر من 90% منها من أنوية ذرة هيدروجين، والـ10% الباقية من العناصر الأخرى، إضافة إلى وابل ضخم من جسيمات النيوترينو المتدفقة. وقد أثبتت بعض النماذج الحاسوبية أن انفجار نجم سوبرنوفا قريب نسبيا من الأرض (أقل من خمسين سنة ضوئية) يمكن أن يؤدي بالأرض إلى الهلاك التام، وأن الأشعة الكونية القادمة من مختلف اتجاهات الكون هي متوسط تلك الأشعة الموجودة في المجرة والتي يحرفها مجالها المغناطيسي فلا نعرف مصدرها الحقيقي على وجه التحديد.
وبوصولها الأرض تكون الأشعة قادرة على اختراق بضع مئات من الأمتار في البحار والجبال، لكنها تخسر من طاقتها شيئا فشيئا عبر مرورها بالغلاف الجوي الذي يمتص أكثرها في أعالي الطبقة الهادئة (الستراتوسفير) ليصل منها الشديد القوي المعروف باسم الميونات، وهي إلكترونات ثقيلة تتحلل فيما بعد إلى إلكترونات عادية في غضون أجزاء من الميلي ثانية.
وتشكل الأشعة الكونية سدس ما يعبر أجسادنا من أشعة قادمة من الفضاء، كما يعزو علماء البيولوجيا الفلكية تكرار ظهور الطفرات الجينية خلال ملايين السنين من عمر الأرض إلى حدوث تلك الانفجارات القوية، بل وربما كانت السبب في انقراض بعض أنواع الكائنات البحرية أمثال سمك القرش من النوع ميغالودون، ذلك أن كميتها الواصلة بسبب انفجار سوبرنوفا من النوع الثاني (وهو انفجارات النجوم ذات الكتل الكبيرة بأكثر من عشرة أضعاف كتلة الشمس) تتضاعف من عشرين إلى مئة ضعف وفقا لقرب أو بعد الانفجار عنا.